مكانته عند رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً". رواه البخاري ومسلم.
عن عمرو بن العاص: أن النبي عليه السلام بعثه على جيش ذات السلاسل
قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟
فقال: عائشة.
فقلت: من الرجال؟
فقال: أبوها.
عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال :
كنت جالسا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ أقبل أبو بكر آخذا
بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أما
صاحبكم فقد غامر
فسلم وقال إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي ، فأبى علي فأقبلت إليك
فقال يغفر الله لك يا أبا بكر ) ثلاثا ،
ثم إن عمر ندم ، فأتى منزل أبي بكر ، فسأل أثم أبو بكر ) فقالوا لا )
فأتى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسلم ، فجعل وجه النبي -صلى
الله عليه وسلم- يتمعر ، حتى أشفق أبو بكر ، فجثا على ركبتيه فقال
يا رسول الله ، والله أنا كنت أظلم مرتين )
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ،
وقال أبو بكر صدق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي )
مرتين فما أوذي بعدها
فضائله رضى الله عنه
وعن أبي هريرة: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر: أنا.
قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟
قال أبو بكر: أنا.
قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟
قال أبو بكر: أنا.
قال: فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟
قال أبو بكر: أنا.
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة"
وعن أبي هريرة: أن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان على حِرَاء هو وأبو بكر، وعمر، وعثمان،
وعلي، وطلحة، والزبير. فتحركت الصخرة فقال النبي عليه السلام: "اهدأ فما
عليك إلا نبي وصديق وشهيد" رواه مسلم.
وعن حذيفة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "اقتدوا باللذَين من بعدي أبي بكر وعمر" رواه الترمذي.
وعن ابن عمر: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لأبي بكر: "أنت صاحبي على الحوض وصاحبي في الغار" رواه الترمذي.
ومن فضائله رضي اللّه عنه:
أن عمر بن الخطاب كان يتعاهد عجوزاً كبيرة عمياء في
بعض حواشي المدينة من الليل فيستقي لها ويقوم بأمرها. فكان إذا جاء وجد
غيره قد سبقه إليها فأصلح ما أرادت. فجاءها غير مرة كيلا يسبق إليها فرصده
عمر فإذا الذي يأتيها هو أبو بكر الصديق، وهو خليفة. فقال عمر: أنت هو
لعمري.
خلافته
وفي أثناء مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يصلي بالمسلمين ، وبعد وفاة الرسول الكريم بويع أبوبكر بالخلافة في سقيفة بني ساعدة ، وكان زاهدا فيها ولم يسع اليها ،
وبعد أن تمت بيعة أبي بكر بيعة عامة، صعد المنبر
وقال بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه:
"أيها الناس قد وُلِّيت عليكم، ولست بخيركم، فإن
أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكَذِب خيانة، والضعيف
فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ منه الحق إن شاء
اللّه تعالى، لا يدع أحد منكم الجهاد، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم اللّه
بالذل، أطيعوني ما أطعت اللّه ورسوله فإذا عصيت اللّه ورسوله فلا طاعة لي
عليكم، قوموا إلى صلاتكم رحمكم اللّه".
فيا لها من كلمات جامعة حوت الصراحة والعدل، مع التواضع والفضل، والحث على الجهاد لنصرة الدين، وإعلاء شأن المسلمين.
دخل عليه ذات يوم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فوجده يبكي ، فساله عن ذلك فقال له يا عمر لا حاجة لي في امارتكم
فرد عليه عمر أين المفر ؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك
جيش أسامة
وجَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد في
سبعمائة الى الشام ، فلمّا نزل بـذي خُشُـب -واد على مسيرة ليلة من
المدينة- قُبِض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وارتدّت العرب حول المدينة
، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله فقالوا : يا أبا بكر رُدَّ هؤلاء ، تُوجِّه
هؤلاء الى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة ؟!
فقال : والذي لا إله
إلا هو لو جرّت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما
رَدَدْت جيشاً وجَّهه رسول الله ولا حللت عقدَهُ رسول الله فوجّه أسامة
فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا لولا أن لهؤلاء قوّة ما خرج
مثل هؤلاء من عندهم ، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم .
فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام
حروب الردة
بعد وفـاة الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ارتدت العرب ومنعت الزكاة ، واختلـف رأي الصحابة في قتالهم مع تكلمهم بالتوحيـد ، قال عمر بن الخطاب
: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أُمرتُ أن
أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءَهم
وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ؟!
فقال أبو بكر : الزكاة حقُّ المال
وقال : والله لأقاتلن من فرّق الصلاة
والزكاة ، والله لو منعوني عَنَاقاً كانوا يُؤدّونها الى رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها
ونصب أبو بكر الصديق وجهه وقام وحده حاسراً مشمِّراً حتى رجع الكل الى رأيه ، ولم يمت حتى استقام الدين ، وانتهى أمر المرتدين
جيوش العراق والشام
ولمّا فرغ أبو بكر -رضي الله عنه- من قتال المرتدين بعث أبا عبيدة الى الشام وخالد بن الوليد الى العراق ، وكان لا يعتمد في حروب الفتوحات على أحد ممن ارتدَّ من العرب ، فلم يدخل في الفتوح إلا من كان ثابتا على الإسلام
استخلاف عمر
عقد أبو بكر في مرضه الذي توفي فيه لعمر بن الخطاب عقد الخلافة من بعده، ولما أراد العقد له دعا عبد الرحمن بن عوف.
فقال: أخبرني عن عمر.
فقال: يا خليفة رسول اللّه هو واللّه أفضل من رأيك فيه من رجل، ولكن فيه غلظة.
فقال أبو بكر: ذلك
لأنه يراني رقيقاً ولو أفضى الأمر إليه لترك كثيراً مما هو عليه. ويا أبا
محمد قد رمقته فرأيتني إذا غضبت على الرجل في الشيء، أراني الرضا عنه،
وإذا لنت أراني الشدة عليه، لا تذكر يا أبا محمد مما قلت لك شيئاً.
قال: نعم.
ودخل على أبي بكر طلحة بن عبيد اللّه.
فقال: استخلفت على الناس عمر، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه، فكيف به إذا خلا بهم، وأنت لاق ربك فسائلك عن رعيتك؟
فقال أبو بكر وكان مضطجعاً: أجلسوني. فأجلسوه.
فقال لطلحة: "أباللّه تفرقني أو باللّه تخوفني، إذا لقيت اللّه ربي فساءلني
قلت: استخلفت على أهلك خير أهلك"؟.
وأشرف أبو بكر على الناس من حظيرته وأسماء بنت عميس ممسكته موشومة اليدين وهو
يقول: "أترضون بمن أستخلف عليكم فإني واللّه ما ألوت من جهد الرأي، ولا وليت ذا قرابة، وإني قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا
فقالوا: "سمعنا وأطعنا".
دعا أبو بكر عثمان خالياً. فقال له: اكتب: "بسم اللّه الرحمن الرحيم. هذا ما عهد به أبو بكر ابن أبي قحافة إلى المسلمين. أما بعد" ثم أغمي عليه فذهب عنه. فكتب عثمان: "أما بعد فإني أستخلف عليكم عمر بن الخطاب ولم آلكم خيراً"
ثم أفاق أبو بكر فقال: "اقرأ عليَّ فقرأ عليه فكبَّر أبو بكر
وقال: "أراك خفت أن يختلف الناس إن مت في غشيتي".
قال: نعم.
قال: "جزاك اللّه خيراً عن الإسلام وأهله"
وأقرها أبو
بكر رضي اللّه عنه من هذا الموضع. فأبو بكر كان يرى ويعتقد أن عمر بن
الخطاب خير من يتولى الخلافة بعده مع شدته. والحقيقة أنه كان كذلك.
وفاته
قيل: إنه اغتسل وكان يوماً بارداً فاصابته الحمى خمسة عشر يوماً لا يخرج إلى الصلاة فأمر عمر أن يصلي بالناس
ولما مرض قال له الناس: ألا ندعو الطبيب؟
فقال: أتاني وقال لي: أنا فاعل ما أريد، فعلموا مراده وسكتوا عنه ثم مات.
وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال، وأوصى أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس وابنه عبد الرحمن وأن يكفن في ثوبيه ويشتري معهما ثوب ثالث.
وقال: الحي أحوج إلى الجديد من الميت إنما هو للمهلة والصَّديد..